فصل: فصل في الحمّى التي يكون فيها كل واحد من الأمرين في كل واحد من الموضعين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في الحمّى البلغمية:

قد علمت أن حمى عفونة البلغم قد تكون نائبة وقد تكون لازمة وقد علمت السبب في ذلك.
ولها أوقات كسائر الحمّيات وأقل أوقات ابتدائها في الأكثر ثمانية عشر يوماً وإقلاعها في الأكثر ما بين أربعين وستين يوماً وأسلمها النقية الفترات ولا سيما الكثيرة العرق فتدل على رقّة المادة وقلتها وتخلخل البدن وأطول أزمان هذه العلة الصعود على أنَ انحطاطها أيضاً أطول من انحطاط الغبّ بكثير والبلغم العفن قد يكون زجاجياً وقد يكون حامضاً وقد يكون حلواً وقد يكون مالحاً وقد علمت كيف تكون من المالح محرقة وأكثر ما تعرض حمى البلغم للمرطوبين والمتّدعين والمشايخ والصبيان وأصحاب التخم والمرتاضين والمستحمين على الإمتلاء وأصحاب الجشاء الحامض وأصحاب امتلاءات صارت نوازل إلى المعدة تعفن فيها وقلّما تخلو عن ألم في المعدة واعلم أن كل حمّى معها برد فإنه يضيق النبض ويصغره.
علامات البلغمية الدائرة وهي التي تسمى أمغيميربنوس: أما ما كان السبب فيه بلغماً زجاجياً أو حامضاً فإن البرد يكثر فيه جداً والنافض في الزجاجي أشد.
لكن البرد لا يبتدىء فيها دفعةً بل قليلاً قليلاً في الأطراف ثم يبلغ إلى أن يصير كالثلج لا يسخن إلا بعسر ولا يسخن دفعة ولا على تدريج متصل بل قليلاً قليلاً مع عود من البرد وربما خالط برده في الإبتداء قشعريرة فيكون البرد لما لم يعفن وللقشعريرة لما قد عفن وأعظم برده ونافضه في أدوار المنتهى.
وهذه الحمى ليست من مادة تفعل نخساً حتى تكون سبباً للنافض من طريق النفض فإن عفونتها عفونة شيء لين وتأخذ مع ثقل وسبات وكثيراً ما تبتدىء في النوائب الأولى بلا برد ولا نافض بل تتأخر إلى مدة وربما كان برد ولم يكن نافض وكثيراً ما تبتدىء بغشي وقد لا يكون.
وهذه العلة يكثر فيها الغشي لضعف فم المعدة وسقوط الشهوة وعدم الاستمراء الذي هو مفن لمادة الغذاء والقوة.
وأما ما كان من بلغم مالح فيتقدّمه إقشعرار ولا يشتدّ برده وأما ما كان من بلغم حلواً فقلما يتقدمه في الأوائل إلى كثير من النوائب قشعريرة ولا برد ولا نافض وأكثر أدوار الحمّى البلغمية تأخذ بالغشي وقد يظهر فيها في الأوائل حر أشد وفي الأواخر يقل ذلك ويشبه أن يكون السبب في ذلك أن العفونة تسبق أولًَ إلى الأحلى والأملح والأرق ثم إلى الأغلظ والأبرد ومس الحرارة فيها في الأول ضعيف بخارى ثم إذا أطلت وضع اليد على العضو أحسست بحدة وحرافة إلا أنها لا تكون متشابهة مستوية في جميع ما تقع عليه اليد بل تكون متفاوتة تحد في موضع حرافة وفي موضع ليناً وكأن الحرارة تتصفى خلف شيء مغربل لأن البلغم لزج يختلف انفعاله وترقّقه عن الحرارة كما يعرض لسائر اللزوجات عند غليانها فإنها تتفقأ في موضع ولا تتفقأ في مواضع وكيف كان فحرارتها في أكثر الأمر دون أن تلتهب وتكرب ويعظم الشوق إلى الهواء البارد والماء البارد ولا إلى التكشف والتململ والنفس العظيم والنافخ وكثيراً ما يعرض لحرارتها أن تقف زماناً قدر ساعة أو ساعتين فيحسب أنها قد انتهت فإذا هي بعد في التزيد لأنك تراها قد أخذت تزيد.
وكذلك لها في الإنحطاط وقوفات وحميات البلغم كثيرة التندية لكثرة الرطوبة وبخارها قليل التعريق للزوجة الخلط.
وإذا عرقت كان شيئاً غير سابغ ومن أخص الدلائل بها قلة العرق أو فقده والعطش.
يقل في حميات البلغم إلا لسبب ملوحته أو لسبب شدة عفونته ومع ذلك فيكون أقل من العطش في غيرها وانتفاخ الجنبين يكثر فيهم وقد يعرض لجلد الجنب أن يرق مع تمدده.
وأما لون صاحب حمى البلغم فإلى خضرة وصفرة يجريان في بياض حتى يكون المجتمع كلون الرصاص حتى في المنتهى أيضاً فقلما يحمر فيه احمراره في منتهيات سائر الحمّيات.
وأما نبضه فنبض ضعيف منخفض صغير متفاوت أولاً ثم يتواتر أخيراً وتواتره وصغره أشد من تواتر الربع والغت وصغرهما وشدة تواتره لشدة صغره لكنه ليس أسرع من نبض الربع وربما كان أبطأ منه أو مثله في الأول وهو شديد الاختلاف مع عدم النظام والصغار والضعاف منهم في اختلافه أكثر ودلائل النبض عليها من أصح الدلائل.
وأما بوله فهو في الأول أبيض رقيق لكثرة السمد والبرد ثم يحمرّ للعفونة ويكدر لرداءة النضج وقد يتغير فيه الحال وقتاً فوقتاً فإذا بقي من المالحة الغليظ وتحلل المتعفن وعاد وقت السدد أبيض ثم إذا عفن شيء كثير بعد ذلك واندفع وفتح السدد احمرّ إلى أن يرد على السدد ما يسدها مرة أخرى من ذلك الخلط بعينه وأما برازه فلين رقيق بلغمي.
ومما يدل على أن الحمى بلغمية أن تكون نوبتها ثمان عشرة ساعة وتركها ست ساعات ولا يكون تركها نفيا وذلك لأن المادة مع الغلظ واللزوجة كثيرة وقد يدل عليها السن والعادة والفصل والبلد والأغذية: ويواقى أسبابها السابقة من التخم ويدل عليها السخنة من لون السن والعادة والفصل والبلد والأغذية ويوافى أسبابها السابقة من أتتخم ويدل عليها السحنة من لون الوجه المذكور وتهيّجه ولين أتلمس وضعف فم المعدة وسقوط الشهوة وربما كبر معها الطحال ويسبقها حساء حامض في أكثر الأوقات كثير.

.علامات الحمّى اللازمة:

وهي التي تسمى الثقة: أن تكون كسائر علامات الحمى البلغمية غير الإقلاع وما يشبه الإقلاع وغير الابتداء بنافض وبرد وقشعريرة وتكون أشبه شيء بالدق ويكون هناك تفتير في ست ساعات ونحوها فوق الذي يكون في الدائرة فإن الدائرة أيضاً لا تخلو عن تفتير إلا أنه يكون خفيًّا غير ظاهر.
حميات: هي في أكثر الأحوال من جنس البلغميات وقد تكون من الصفراء أحياناً وليست مما تكون من السوداء.
خصصت بأسماء وأحكام: وهي حمى إيغيالوس وليغوريا.
وهما من جملة الحميات التي تختلف فيها أماكن الحر والبرد من داخل وخارج بسبب اختلاف موضع ما يعفن وما لم يتعفن وهي ثلاثة أقسام: الحمى المخصوصة بالغشيية الخلطية والحمى النهارية والليلية.

.فصل في الحمّى التي يبطن فيها البرد ويظهر فيها الحر:

وهي حمى إيغياليوس هذه تكون من بلغم زجاجي حاصل في الباطن والقعر يبرد حيث هو لكنه قد عرض له العفونة فينتشر منه بخار ما يتعفن ويتفرق ويلهب في الظاهر وما ليس بعفن يبرد في الباطن وإنما كان لا يظهر بردها في مثل ذلك الزمان لأنها كانت ساكنة ألفها وانفعل عنها ما يلاقيها فلما أخذت العفونة فيها تحرك وتبدد تبدُداً ما وإن لم يبلغ أن يعم البدن كله.
العلامات: هي علامتها المذكورة بعينها وإن بوله بارد فجّ أقلّ حرارة من بول غيره من جنسه ونبضه بطيء متفاوت وهي في الأكثر تشتدّ كل يوم لكنها لغلظ مادتها قد تستحيل ربعاً وغبًّا لأن مثل هذه المادة في البدن قليل وقليل التعفّن نادره والقلة من أسباب بعد الدور وهذا لا يخرجها عن أن تكون بلغمية لأنها بلغمية بسبب أن العفونة عفونة البلغم لا بسبب أن النوبة تعود كل يوم أما مدة نوبتها فمن أربع ساعات إلى أربع وعشرين ساعة وفي الأكثر تنقضي قبل ذلك لأن هذه المادة لا تكون بتلك الكثرة.

.فصل في الحمّى التي يبطن فيها الحرّ ويظهر فيها البرد:

وهي ليغوريا هذه الحمّى في الأكثر بلغمية وقد تكون صفراوية من صفراء غليظة جداً فإما أنها كيف تكون بلغمية فهو أن البلغم الباطن إذا اشتعل وعفن سخن ذلك الموضع ولأنه ليس يتحلّل فلا يسخن ظاهر البدن بانتشار بخاره سخونة كثيرة ولأن القوة تنصبّ إلى حيّز الأدنى فيخلو الظاهر عن الحر فيبرد.
وخصوصاً إذا كان في الظاهر بلاغم فجّة زجاجية باردة وأيضاً لأنه كثيراً ما يتحلّل منه بخار لم يعفن ولكنه يصعد ويتصل للحرارة وتصحبه الحرارة مدة قليلة ثم تزايله مزايلتها بخار الماء المسخن فإذا زايلته وكان في الأصل قبل العفونة شديد البرودة يعود ويبرّد البدن.
وأما أنها كيف تكون صفراوية فهو أن الصفراء إذا كانت قليلة وباطنة وعفنت وسخنت الموضع ولم يتحلل منها شيء عرض ما قلنا في نظيرها من البلغم وقد تسمى هذه فأما ليغوريا فهو اسم الجنس وهي أطول مدة من شطر الغب.
ولقائل أن يقول: كيف تكون الحمّى ولا تنبعث فيها الحرارة من القلب إلى جميع البدن والذي تصفونه فهو من قبيل ما لا تنبعث فيها الحرارة من القلب في جميع البدن.
فالجواب: أن حدود هذه الأشياء يعتبر فيها شرط أن لا يكون مانع مثل ما تحد الماء بأنه البارد الرطب أي إذا خلي وطباعه ولم يكن مانع وتحدّ الثقيل بأنه الهاوي إلى أسفل إذا خلي وطباعه وفي جميع هذه فإن الحرارة تبلغ إلى القلب وتنبعث في الشرايين وتنتشر لكن يعرض ما يمنع من ذلك في بعض المواضع كما يعرض لو وضع الجمد عليه وأما أضرارها بالفعل فلا بد منه.

.فصل في الحمّى التي يكون فيها كل واحد من الأمرين في كل واحد من الموضعين:

مثل هذه الحمى إن كان فإنما يكون حيث تكون مادتان باردتان تتحركان بسبب التعفن إحداهما في الباطن والأخرى في الظاهر وليس ولا واحدة منهما كثيرة فاشية ثم إذا أخذتا تتعفنان أرسلت كل واحدة منهما بخاراً حاراً يطيف بنواحيها وحيث هو فبارد وقد علمت السبب في تحير الخلط البارد في حال الحركة فاعلم جميع ما قلناه.

.فصل في الحمّى الغشيية الخلطية:

هي في الأكثر بسبب بلغم فج تخمي متفرق كثير قد قهر القوة وفي الأكثر يعين غائلتها ضعف في المعدة إذا تحرك وأخذ في العفنة قهر القوة أكثر وجعلها متحيرة إن تركت والمادة لم تف بها وإن اشتغل باستفراغها برفق عصت أو تحركت حركة خانقة للقوة وإن اشتغل باستفراغها بإسهال أو فصد بالعنف لم تحتمل القوة وكيف تدَمل وهناك مع سكونها غشي ومع هذا كله فإن حاجتهم إلى الاستفراغ شديدة وأيضاً فإن حاجتهم إلى الغذاء شديدة لأن أخلاطهم ليس فيها ما يغفو البدن فينعشه والبدن عادم للغذاء فإن تكلف التغذية زادت المادة الباهضة وإن لم يغذ سقطت القوة ويعرض في ابتدائها أن ينصبّ إلى القلب شيء بارد يحدث الغشي فيصغر النبض ويبطؤ ويتفاوت ثم أن الطبيعة تجتهد في تسخين المادة تلطيفها.
والعفونة التي حركت بعض أجزائه تعين عليه فيتخلص القلب من ضرر برده ويقع في ضرر حره فيصير النبض سريعاً وخصوصاً في انقباضه أكثر من سرعة غيره على أن الغالب مع ذلك صغر وبطء وتفاوت ودورها دور البلغمية لا يحلّ قلادها ويكثر معها تهيّج الوجه وتربّل البدن وألوان أصحابها لا تستقر على حال بل قد تكون مائية ورصاصية وربما صارت صفراء وربما صار سوداء وربما صارت شفاههم كشفاه آكل التوت.
وأما عين صاحبها فكمدة خضرا يجحظ جداً عند الهيجان من العلة ويصير كالمخنوق وما تحت الشراسيف منه شديد الانتفاخ.
وكذلك أحشاؤه وربما تقيأ حامضاً وإذا كان به ورم في بعض الأحشاء فلا يرجى البتة وقد تعرض هذه الحمى أيضاً في الأوقات من الصفراء الغالبة الغليظة وتكون معها حرقة في الأحشاء وتتقيأ مراراً ويكون لها أدوار البلغمية في الأكثر.

.فصل في الحمى الغشيية الدقيقة الرقيقة:

هذه حمّى حادة تسقط النبض والقوة في نوبة واحدة أو نوبتين مع تربّل ذَوَباني يحدث في الحرّ بسرعة وربما لم تقف معها القوة إلى الرابع ويكون من كيموسات وأكثرها صفراوية شديدة الرقة والغوص رديئة الجوهر سمية قد عرض لها التعفن في أبدان حارة المزاج يابسة جداً وأكثر نوائب هذه الحميات غب.

.فصل في الحمى النهارية والليلية من البلغمية النهارية:

هي التي نوائبها تعرض نهاراً وفتراتها ليلاً والليلية بالعكس وكلاهما رديء والنهارية أطول وأردأ يوقع كثيراً لطولها ولعروضها في حر النهار في دق ولولا أنها خبيثة لم تكن لتعرض وقت انفتاح المسام وتحلّل البخار ولن تعرض إلا لكثرة المادة وقوّتها ويحتاج مع ذلك إلى أن يغفو صاحبها ليلاً ولا يترك أن ينام على امتلاء معدته ويكلف السهر وهو مما يسقط القوة ومقاساة الحمى في حرّ النهار والسهر في برد الليل مما بالحري أن يوقع في الدق وبالجملة فهي من جملة الحمّيات العسرة.
علاج البلغمية: إن علاج هذه العلة قد تختلف بحسب أوقاتها أعني الإبتداء والإنتهاء والإنحطاط وبحسب ظهور النضج فيها وخفائه وتختلف بحسب موادها أعني البلغمية الحامضة والبلغمية الزجاجية والبلغمية المالحة والحلوة وجميع أصنافها تشترك في وقت الابتداء في ثلاثة أشياء: في وجوب التليين المعتدل والقيء وفي وجوب استعمال الملطّفات والمقطّعات والمدرّات.
وكلما يأتي على الحمّى ثلاثة أيام ترق فيها المادة بسبب الحمى وقبل ذلك تحرّك وتؤذي ولا تفعل شيئاً وفي الاستظهار بتلطيف التدبير على الاعتدال وربما اقتُصر على ماء الشعير في الثلاثة الأيام الأول رجاء أن يكون منتهاها أقرب إما لرقة المادة أو لقلّتها ولو علم يقيناً أن منتهاها متباطىء لم يلطف التدبير.
على أن الجوع والنوم على الجوع والرياضة عليه إن لم يضعف غاية في المنفعة من هذا المرض بل يمال في الابتداء إلى التغليظ إلى السابع ثم يدرج لكن الاستظهار يوجب أن يلطف التدبير أولاً فإن ظهر أن المنتهى بعيد أمكن أن يتلاقى ذلك بتغليظ التدبير ثم يدرج إلى وقت المنتهى لأن الزمان ممكن من ذلك في هذه العلة غير ممكن في الحادة وإذا جاوز السابع فلا يقيمن على التلطيف فإن ذلك يضعف ويزيد في ضعف فم المعدة وكلما أحسست بطول أكثر لطّفت أقلّ على أن تلطيفه فيها أوجب ما يجب في الربع وكذلك يجب أن لا يسرع سقيه مثل ماء الفروج والخبز مع المزورات إلا أن يخاف الضعف أو يظهر الانحطاط ثم يختلف ما كان سببه المالح أو الحلو وما كان سببه الزجاجي أو الحامض فتكون منه حمّى قروموديوس الزمهريرية التي لا يسخن البدن فيها على أن الأولين يحتاج فيهما إلى تليين بدواء لين وإلى تبريد ما.
وفي الثانيتين بدواء أعنف والأوليان يحتاج فيهما إلى تقطِيع بالملطّفات المقطّعات التي فيها تسخين غير كثير وإن كان تجفيف كثير وفي الثانيتين يحتاج إلى ما يلطّف بتسخين وتقطُع بحرافة وخصوصاً إذا كان البلغم مختلطاً بالسوداء فلا بد في مثله من مثل الكمّوني ومعجون الكبريت واستعمال المملّحات وأوفق الأدوية التي تستعمل في الابتداء الجلنجبين إلى اليوم السابع ولا بأس بأن يستعمل أيضاً ماء الرازيانج وماء الهندبا وماء الكرفس مع المجلنجبين بحسب الحاجة والسكنجبينُ شديد المنفعة أيضاً وماء العسل بالزوفا وقد يمكن أن يبلغ به ما يراد من تليين الطبيعة وخصوصاً المسهل المتخذ من السكر والورد الأحمر المعروف بالفارسي فإنه مسهل ملين وإذا احتيج إلى أن يقوي تليينه مُرِس في ماء اللبلابَ وخُلِط به إن أريد الخيار شنبر والفانيذ وأيضاً الجلنجبين المتخذ بعسل الترنجبين مدوفاً في ماء اللبلاب ولا تلح عليه بالمسهلات في الابتداء وبعده وخصوصاً إذا كانت مع المادة صفراء فإن ذلك يؤدي إلى فساد المزاج وكثير من الناس يسقون في الابتداء مثل دواء التربد في كل ليلة ومثل حب المصطكى في كل أسبوع مرتين ومثل نسخة دواء التربد: يؤخذ زنجبيل ومصطكي من كل واحد عشرة تربد عشرون سكر طبرزد مثل الجميع يسقى كل ليلة مثقال وذلك إذا كانت الطبيعة غير لينة وإن كانت تجيب كل يوم مرتين لم تحتج إلى ذلك وأما أنا فلا أحب إلا انتظار النضج والتليين بما ذكرناه أولاً لا بل يجب أن يستفرغ منه شيء ويصبر بالباقي إلى النضج ويكون ذلك برفق وقليلاً قليلاً من غير إحجاف.
ثم أقبل على المدرات وذلك أكره ما يشبه ماء الإجاص والتمر الهندي ونحوهما مما يضعف المعدة ويسهل الرقيق وإن كانت المادة إلى زيادة برد خُلِط به لت القرطم وإن كانت المادة إلى الصفراوية خُلِط به شراب البنفسج أو البنفسج المربى أو الشيرخُشْت أو البنفسج اليابس مسحوقاً واستعن بالحقن اللينة المتخذة من العسل والملح وماء السلق ودهن الخل والقيء بماء الفجل والفجل المنقوع في السكنجبين البزوري ونحوه وإن احتيج إلى قيء أكثر لكثرة ما يعتريه من الغثيان وتغير طعم الفم استعمل حب الفجل وشرب منه إلى مثقال بالماء البارد والقيء مع ما فيه من إضعاف المعدة شديد المنفعة جداً وهو قالع لهذه العلة ويجب أن ينتظر به السابع لئلا يقع منه في الأول عنف يورم المعدة وإن تعذر عليه القيء لم تجبره عليه بالعنف وإن اعتراه قذف وخصوصاً في ابتداء الدور لم يحبس إلا أن يحجف ويضعف فحينئذ يحبس بمثل الميبة وشراب النعناع وما نذكره من بعد وإن عرض صداع استعملت النطولات البابونجية مع إرسال الأطراف الأربعة في الماء الحار وشد الساقين بالقوة وإن احتيج إلى ماء الشعير استعمل منه المطبوخ بالأصول مقداراً معتدلاً أو خلط به سكنجبين العسل إن لم يحمض في المعدة أو ماء العسل إن حمض وأولى وقت سقي فيه ذلك أن يكون في مائه في أول الأمر انصباغ فيجب أن يسقى أولاً الجلنجبين ثم يسقى بعد بساعتين ماء الشعير ولا يجب أن يمرخ بالمروخات المحللة ولا ينطل بالنطولات الملطفة إذا كانت العلة في الإبتداء وكان في البدن خلط جوّال فإنها ترخي الأحشاء بتسخينها الرطب وتجتنب الماء البارد.
وكلما رأيت البول أغلظ وأحمر فلا بأس بأن تفصموا الواجب أن تفزع حينئذ إلى السكنجبينات واعلم أن الدلك من المعالجات النافعة لهم وكلما كان البلغم ألزج وأغلظ كان الدلك أنفع وقيل أن الدلك بنسج العنكبوت مع الزيت نافع جداً لا سيما إذا ديف نسج العنكبوت في دهن الورد المفتَّر وتُمرخ الأنامل وأصابع الرجل بذلك فإنه نافع جداً وهذا ما جربناه مراراً إذا أخذت العلة في التزايد.
وبعد ذْلك فليكن أكثر عنايتك بفم المعدة وما يقويه والمضوغات المتخذة من النعناع والمصطكي والأنيسون واستعمال القيء على ما ذكرنا بالفجل مع تقليل الغذاء ويكون الجلنجبين الذي تسقيه حينئذ وبعد السابع مخلوطاً به ما يقوّي فم المعدة ويكون فيه إدرار كثير مثل الأنيسون والمصطكى ويكون بالماء الحار وخصوصاً في ابتداء الدور فإنه يقاوم النافض والبرد ويطفىء مع ذلك العطش إن كان يهيج وكثيراً ما رخص في استفراغ البلغم والخام في هذا الوقت والأولى أن ينتظر به تمام النضج.
وإذا كانت العلة تأخذ بالجد وتلح انتفع بهذا القرص.
ونسخته: يؤخذ إهليلج أصفر وصبر وعصارة غافت وعصارة الأفسنتين من كل واحد خمسة دراهم زعفران ومصطكي من كل واحد ستة دراهم يقرّض ويسقى منه كل يوم وزن درهم وكل ليلة وزن نصف درهم فإذا رأيت النضج يظهر أعنته بمثل ورق الكرفس والرازيانج وأصول الأذخر وبرشاوشان.
وإن علم أن المادة باردة جداً لم يكن بأس باستعمال الفلفل اليسير وباستعمال الشراب الرقيق قليلاً غير كثير وقد تعين المروخات المحللة على الإنضاج والتحليل بقوة قوية.
والمروّخات المحلّلة أوفق في هذه العلة منها في سائر الحميات ويجب أن يعتبر في ذلك القوة والحمّى والنافض فإن كانت القوة قوية وليست الحمى بصعبة جداً زيد في قوة المروخات وإلا استعملت الأدهان اللطيفة التي إلى الإعتدال وإذا جاوز الرابع عشر فلا بد من استعمال ما يلطّف أكثر مثل الرازيانج والكرفس وربما احتجت إلى بزورهما وإلى الأنيسون وإلى مثل وربما احتيج أن يزاد فيها بسبب المعدة كندر ومصطكي وسعد وأفسنتين ونحوه بحسب ما توجبه المشاهدة والشراب الرقيق ينفعهم في هذا الوقت بتلطيفه وتقويته الحار الغريزي وإدراره وتعريقه وإذا رأيت نضجاً وقوة سقيته أقراص الأفسنتين وبعد ذلك إذا رأيت البرد في ابتداء النوائب يؤذي والعلة ليست في الابتداء سقيت ماءً حاراً طُبخ فيه مثل بزر الكرفس والأنيسون والحبق واستعملت أيضاً أمثال هذه وأقوى منها نطولات وبخورات وأمثال ذلك.
وقد يسقى في النافض الشديد على هذه النسخة.
وهي: زنجبيل وصعتر ونانخواه من كل واحد ثلاثة دراهم كزبرة أربعة ورد فودنج من كل واحد ثلاثة.
زبيب سبعة يطبخ على الرسم والشربة ثلاث أواق.
وإذا رأيت النضج التام فاستفرغ وأدرّ بما فيه قوة واسقه مثل دبيد كبريثا وإن كانت المادة من أبرد البلغم سقيته الترياق ويجب أن يُسقى أيضاً أقراص الورد الكبير بماء الرازيانج وإن يجتزي كل ليلة بدواء التربد وحبّ الصبر المتخذ بالغافت أو المتخذ بالأفاويه.
ومن ذلك مطبوخ بهذه الصفة: يؤخذ أيارج سبعة تربد عشرة إهليلج أسود خمسة غافت خمسة ملح هندي ثلاثة باذاورد وشُكَاعَى من كل واحد أربعة أنيسون ثلاثة يطبخ بماء الكرفس ويسقى منه بقدر الحاجة وأقوى من ذلك الأصلان وأصل السوس من كل واحد عشرة أيارج ثمانية عصارة الغافت خمسة بزر الكرفس والرازيانج من كل واحد أربعة ورد أخرى مجربة: يؤخذ الأصلان من كل واحد عشرة الزبيب المنقى سبعة أنيسون ومصطكي من كل واحد ثلاثة شكاعى وباذاورد وغافت من كل واحد أربعة يطبخ بثلاثة أرطال ماء إلى أن يرجع إلى رطل ويسقى أياماً على الريق.
أقراص جيدة مجربة عمد الأزمان واشتداد النافض ونسختها: يؤخذ أيارج وعصارة الغافت أفسنتين شكاعى باذاورد من كل واحد خمسة بزر الكرفس والرازيانج والأنيسون من كل واحد ثلاثة ملح نفطي أربعة بزر الكشوث إهليلج كابلي من كل واحد عشرة غاريقون خمسة عشر أقراص الورد عشرون تربد ثلاثون يتخذ منه أقراص وهو مسهل نافع.
وأيضاً: يؤخذ صبر إهليلج أصفر راوند مصطكي عصارة الغافت أفسنتين من كل واحد جزء زعفران نصف جزء يدقّ ويستعمل.
وأيضاً: يؤخذ أيارج إهليلج كابلي وملح من كل واحد أربعة دراهم بزر الكرفس والرازيانج والأنيسون من كل واحد واحد ونصف أفسنتين خمسة أقراص الورد ثلاثة شكاعى باذاورد من كل واحد درهمان يُدقّ ويُحبّب ويُستعمل فإنه نافع جداً.
صفة مطبوخ جيد مجرب: يؤخذ غافت خمسة أصل السوس وأصل السوسن ونانخواه من كل واحد ثلاثة بزر الكرفس والرازيانج من كل واحد أربعة ورد خمسة يطبخ على الرسم المعلوم وأيضاً: الأصول الثلاثة من كل واحد عشرة.
أنيسون وبزر الكرفس من كل واحد درهمان شكاعى وباذاورد وغافت وأفسنتين من كل واحد خمسة قنطوريون ثلاثة يطبخ ه يشرب منه أربع أواق.
أخرى: يؤخذ حشيش الغافت شاهترج شكاعى باذا ورد أفسنتين من كل واحد خمسة زبيب عشرة إهليلج أصفر عشرة وهذا للمشايخ والغالب عليه الصفراء أوفق والغاريقون إذا استف منه إلى درهم ودرهم وثلث أياماً منع تطاول العلة يستف منه أو يمزج بعسل ويشرب وبزر الأنجرة بعد النضج عجيب جداً سفيفاً أو بعسل.
وأما الجذب له صوب الإسهال فيجب أن يزاد فيه بسبب ضعف الكبد ريوند وبزر الكشوث وبسبب ضعف المعدة المصطكى والأنيسون وبسبب الطحال وغلظة أصل الكبر وأسقولوقندريون فإنه كثيراً ما يصحب هذه العلة طحال وربما احتيج إلى أن يزاد لأجله سعد وحبّ البان وحلبة ومع ذلك تراعى حال شدة الحمى لئلا يقع إفراط تسخين.
وأما المستفرغات التي هي أقوى المحتاج إليها في هذه العلة عند النضج فمن ذلك أن تزاد الشربة من حب التربد ويستعمل الحقن القوية ومن ذلك هذا الحب على هذه الصفة: ونسخته: يؤخذ مصطكي دانق أيارج فيقرا نصف عرهم عصارة الأفسنتين ربع درهم شحم الحنظل دانق غاريقون نصف درهم يحبّب بالسكنجبين العسلي ويُسقى ومن ذلك حبّ المصطكى والصبر.
وإذا كانت المادة إلى الحرارة أخذ من أقراص الطباشير المسهل ثلاثة أقراص ومن التربد مثقال ومن السقمونيا نصف مثقال ومن عصارة الغافت مثقالان ويسقى بقدر القوة.
وأيضاً: يؤخذ غافت أفسنتين برشاوشان إهليلج شاهترج زبيب منقّى بالسوية يسقى بقدر الحاجة وإن لم يحتمل البدن الإسهال أقبل على الملطّفات وعلى المدرات والمعرقات ومن جملة ما يحتاج إليه حينئذ نقيع الصبر بالعسل.
فإذا انحطت العلة لم يكن حينئذ بدخول الحمام قبل الطعام بأس.
وأما أغذيتهم: أما اللطيفة فمثل الخل والزيت وربما جعل فيه قليل مري وخصوصاً في آخره.
وأما التي هي أقوى فالطياهيج والفراريج والقباج ونحوها بعد الانحطاط ويجب أن يجعل فيها وخصوصاً عند النضج ما فيه تقطيع مثل: الخلّ والخردل والمري وإذا كان البلغم حامضاً رديئاً لزجاً فالكراث وماء الحمص من أجود الأغذية لهم إذا جعل فيه كمون وشبث وزيت وأيضاً بوارد تتخذ من السلق والمري والخلّ والزيت المغسول الكوامخ مثل: كامخ الكبر وكامخ الشبث والصعتر والأنجذان والهليون.
ويجتنب البقول التي فيها تبريد وترطيب ووقت الغذاء بعد فتور وأما تقدير نومهم فأن يكون معادلاً لليقظة ليكون النضج إلى النوم والتحليل إلى اليقظة.
والحمّام شديد المضرة لهم إلا بعد الانحطاط.
تدارك قذفهم إذا أفرط: ينبغي أن يُستعان في ذلك بمثل الميبة وشراب الرمان النعناعي المعروف وإن احتيج إلى أقوى أخذ من حب الرمان المر عشرة دراهم ومن الكندر الأبيض والمصطكى من كل واحد خمسة نعناع سبعة يطبخ في رطلين من الماء وفيه طاقات من النعناع حتى ينتصف.
تدارك إسهالهم إذا أفرط: أما حبسه فيما علمت من القوابض التدبيرية والدوائية وأما تدبير إضعافه فبأن يطعم عقبه الفراريج المشوية والمُطَجنه والبخورات والروائح الناعشة.
وإن عرض تهيج في الوجه والأطراف انتفعوا باستعمال مثل هذا القرص.
ونسخته: يؤخذ أنيسون ولك مغسول من كل واحد خمسة لوز مر وزعفران ومرّ ماخوز من كل واحد أربعة دراهم بزر الكرفس وبزر الرازيانج ونقاح الأذخر من كل واحد ثلاثة عصارة الغافت ثلاثة ونصف سنبل ستة أيارج فيقرا سبعة ورد عشرة يتخذ منه أقراص ويستعمل وربما احتجت إلى مثل أمروسيا ودواء اللك ودواء اللوز المرّ.
قرص لطول الحمى مع البرد: يؤخذ ورد عشرة مصطكي وسنبل وبزر الرازيانج وبزر الكرفس وبزر الهندبا وعصارة الغافت وأفسنتين من كل واحد أربعة طباشير خمسة يقرص والشربة درهم إلى درهمين مع عشرة جلنجبين في طبيخ بزر الرازيانج قدر أوقيتين والنانخواه المعجون بالعسل منفعته عظيمة في مثل هذا الموضع وربما احتجت لطول البرد إلى الدلك والوجه فيه أن يبتدىء من المنكبين والأربيتين فإذا انتشرت الحرارة في اليد والرجل وسخنتا فإن أحس بشِبهِ الإعياء انتقل إلى الدلك الصلب فإذا اشتمت السخونة فلا بأس بأن يدلك بالدهن حتى يبلغ العضو السخونة المحتاج إليها فيتركه إلى عضو آخر.
ومن الأدهان الجيدة: الزيت العذب الذي لا قبض فيه ودهن البابونج ودهن الشبث المطبوخ في الإناء المضاعف وإذا فرغت فامسح الدهن لئلا يكرب ولا بأس بأن يتبع الدلك اليابس دلكاً بالدهن ومما يحفظ به معدهم أن لا يضعف المروّخات التي هي مثل دهن البابونج ودهن النادرين ودهن الشبث وأقوى منه الرازقي ومن الأضمدة النافعة أن يطبخ البابونج وشيء يسير من المصطكى مطبوخاً بشراب مع ضعفه عسل وإن كانت الشهوة ساقطة فالأجود أن لا يستعمل الشراب بل الميبختج مطبوخاً فيه البابونج والتمر القسب أو البسر وإكليل الملك والأفسنتين.
علاج البلغمية اللازمة وتسمى اللثقة: علاجها علاج النائبة كل يوم ويفارقه بأن ذلك يجب أن يكون استعمال الملطفات الحادة فيه برفق وإن اقتصر على مثل السكنجبين والجلنجبين وجلاب العسل ومائة وماء الرازيانج والكرفس والأصول الثلاثة أوشك أن ينفع وقد ينفعهم كامخ الشبث وكامخ الكبر وخصوصاً مع أثار النضج وتدبير غذائهم في مراعاة الأزمان وخلافه وقوة القوة وضعفها تدبير ما سلف ذكره ومن الأدوية الجيدة لهم أقراص العشرة وأيضاً من الأدوية الجيدة المجربة لهم دواء بهذه الصفة.
ونسخته: يؤخذ ورد ستة ربّ السوس وشاهترج وسنبل من كل واحد أربعة دراهم مصطكي ثلاثة كهربا ثلاثة أنيسون اثنان.
أخرى: وأيضاً أقراص الغافت.
ونسختها: يؤخذ غافت أربعة دراهم ورد درهم وثلث وطباشير درهمان ونصف.
وأيضاً يؤخذ غافت ثلاث أواقي ورد نصف رطل سنبل نصف رطل طباشير أربع أواقي وأيضاً قرص أفسنتين.
ونسخته: يؤخذ أفسنتين أسارون بزر الكرفس أنيسون لوز مر شكاعى باذاورد عصارة الغافت مصطكي وسنبل من كل واحد إثنان يجعل أقراصاً على الرسم المعلوم.
علاج أنفيالوس وليفوريا: علاجهما قريب من علاج ما ذكرنا قبلهما وهما أيضاً متقاربا الطريقة ويجب أن يبدأ أولاً بالسكنجبين العسلي والسكري وقد يؤمر فيهما أيضاً بربّ الحصرم المطبوخ بالعسل وبشراب الورد ثم يتدرّج من طريق سقي البزور ومياهها إلى نقيع الصبر وأقراص الورد بالمصطكى وحب الصبر وأيارج فيقرا وحب الغافت ويجب فيهما جميعاً أن يعتنى بالمعدة ويستعمل القذف بماء اللوبيا والفجل والشبث والفودنج والمدرّات.
ومن المسهّلات النافعة منهما ما يتخذ من الهليلج الأسود والأصفر والتربد والسكر ومما ينفع منهما نفعاً بليغاً.
الحقن المائلة إلى الحدة الواقع فيها لبّ القرطم والقنطوريون الدقيق والشبث والبابونج والحسك وإكليل الملك والمريّ والعسل وتدبير ليفوريا يحتاج إلى رفق أكثر من تدبير الأخرى.
علاج الحمّى الغشيية الخلطية: هذه الحمّى صعبة العلاج والوجه في علاجها الاستفراغ مندرجاً من اللطيفة إلى القوية وخصوصاً إذا كانت الطبيعة لا تجيب من نفسها فإنك بالحقن تنقّي ما في المعا والعروق القريبة منها من الفضل وتستعمل في الباقي التلطيف بالدلك وقد زعم جالينوس أنه عجز عن استفراغ أكثرهم إلا بالدلك وأحسن الوجوه في دلكهم أن يبدأ من الفخذين والساقين منحدراً من فوق إلى أسفل يستعمل في ذلك مناديل خشنة ساحجة للجلد ثم ينتقل إلى اليدين نازلاً من المنكب إلى الكفّ بحيث يحمّى الجلد ثم الظهر والصدر ثم يعاود الساقين ويرجع إلى النظام الأول وتجعل نصف زمانهم للدلك ونصف زمانهم للتنويم إن أمكن.
وبالجملة قانون علاجهم تلطيف غير مسخّن جداً ومما ينفعهم من الملطّفات مثل ماء العسل وخصوصاً مع قوة من الزوفا أو من بزر الكرفس في الغدوات ونحوه.
فإن كان هناك إسهال مفرط طبخت ماء العسل طبخاً أشدّ فلا يسهل إلا قليلاً معتدلاً نافعاً والسكنجبين المعسل أيضاً ينفعهم.
أما في الصيف ومع عادة شرب الماء البارد فممزوجاً بالماء البارد وفي الشتاء فيجب أن لا يسقوه البتة وليقتصروا على الماء الحار وتناول الحار من الأشربة أفضل لهم إلا عند ضرورة القيظ وشدة إكراب الحر وأوفق ما يسقون للعطش السكنجبين العسلي والشراب ينفعهم من أول الأمر وخصوصاً إن كانت حمّاهم قوية وقلما تكون وخصوصاً في المشايخ ولا بد لهم بعد الغذاء من شراب ويجب عليك أن تراعي نبض صاحب هذه العلة دائمأ فإذا رأيته أخذ في الضعف والسقوط بغتة أطعمته خبزاً مبلولاً بشراب ممزوج إن لم يمنع ورم في الأحشاء فإنه إذا قارن هذه العلة لم يكن للعلاج وجه ولا للرجاء موضع أعني إذا حدث مثل هذا التغير في النبض وهذا الإطعام مما يحتاجون إليه عندما يشتد الغشي ولكن يجب أن يتبع ذلك دلكاً.
وأما الغذاء الذي يبيتون عليه فماء الشعير لا يزاد عليه إلا عند سقوط القوة وإن زيد فخبز منقوع في جلاب أو ماء العسل والحمّام من أضرّ الأشياء لهؤلاء والحار والبارد جداً من الهواء فإن الحار لا يؤمن معه سيلان الأخلاط إلى الرئة والقلب وإلى الدماغ والبارد يمنع نضجها ويزيد في تسديدها فإن كان الخلط فيه صفراوية ما فإن سهل القيء وخف كان نافعاً جداً وبالجملة فإنه أولى بأن ينجح فيه.
علاج الحمى الغشيية الدقيقة الرقيقة: يجب أن يضمد صدره بالصندل وماء الورد وينعش بالغذاء قليلاً قليلاً وليكن غذاؤه مثل الخبز المنقوع في ماء الرمان مبرد إن اشتهاه وكذلك في ماء الفواكه وإن احتيج للقوة إلى المصوصات المتخذة من الفراريج بالخل وماء الحصرم والبقول الباردة وخصوصاً الكسفرة كان نافعاً.
تدبير الليلية والنهارية: تدبيرهما تدبير البلغميات لا خلاف فيها.